مقالات

من أين جاءت أسماء العائلات في غزة؟

مجد أبو ريا

صحافي من غزة

تخطى عدد السكان في قطاع غزة المحاصر مليوني نسمة، في شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2015. ينتمي هؤلاء إلى مئات العائلات التي يعود أصل قسم منها إلى غزة، وقسم إلى مدن فلسطينية هُجروا منها خلال النكبة عام 1948، وقسم يعود إلى دول أخرى أتوا منها خلال القرنين الأخيرين في ظروف مختلفة. أسماء هذه العائلات ستجد بالتأكيد ما يشبهها في أماكن عديدة، مثل الضفة الغربية، ومصر، والأردن، وسوريا، ما يفتح الشهية على البحث في أصل هذه الأسماء، ومن أين جاءت.

تحظى كل عائلة بتاريخها الخاص، وتبدو ملامح هذا التاريخ واضحة على كنيتها، فهناك مجموعة كبيرة من العائلات التي تتمتع بسمعة قديمة وشعبية واسعة داخل القطاع، ومنها العائلات الكبرى مثل حلس، ودغمش، وأبو عمرة، وبكر، والكفارنة، والمدهون، إضافة إلى العائلات العريقة التي سكنت غزة منذ السنوات الأولى، مثل النخالة، والغصين، والحسيني، ومكي، وزين الدين، والبكري، وشعشاعة، والسقا، وخيال، والقدوة، وشراب، والصوراني، وسيسالم، وغيرها الكثير.

أسماء العائلات مرت بمراحل عديدة حتى وصلت لما هي عليه اليوم، فمنها من تُنسب لمهنة كبيرها، أو إحدى صفاته، أو أفعاله، وبعض العائلات غيرت أسماءها

وتسمية العائلات اليوم جاءت بعد مراحل عديدة شهدت تغييرات في هذه الأسماء، وهذا لا يقتصر على قطاع غزة، بل حدث في الدول العربية بشكل عام. فهذه العائلات كانت تنتمي في البداية إلى القبائل والفصائل العربية، ثم إلى البلاد والموطن الأم، وبعدها أصبحت تُسمى بأسماء أشهر رؤساء الأسر، مثل علم الدين، وزين الدين، وعرفات.

يقول المؤرخ الشيخ عثمان مصطفى التباع في كتابه “إتحاف الأعزة في تاريخ غزة”، إن الأسماء صارت بعد ذلك تعود إلى الحرف والصنائع، مثل النشاشيبي، والغلاييني، والبرادعي، والخرزاتي، والحائك، والصباغ، والنحاس، والحداد، والنجار، ثم صارت تسمى بحسب الوظائف، كالقاضي، والمفتي، والخطيب، والإمام، والناظر، والمحتسب، والكاتب، والبواب.

وحملت عائلات أخرها أسماءها بسبب بعض التصرفات المذمومة التي اشتهر بها أحد أفرادها، أو لأسباب أخرى، وبالتالي اضطرت لتغيير أسمائها في وقت لاحق حتى تبتعد عن التهكم والسخرية.

إليكم أصل التسمية لبعض العائلات المعروفة في قطاع غزة:

– البورنو: وأصلها من بلدة بورنو في ديار بكر التي يسكنها أكراد وأتراك.

البربري: وهي منسوبة للبربر؛ القبائل الكبيرة في المغرب. والبربر أو البرابرة هو اسم لاتيني، ويعني المتوحشين أو الهمجيين البدائيين، كما أطلق الرومان هذا الاسم على كل الأجانب وبينهم الأمازيغ، وذلك في غزواتهم لبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط.

الحتو: وتعني في العرف القديم الرجل شديد البخل والحرص، أما في اللغة فتعني العدو الشديد، وقد عُرف عن جد العائلة أنه كان حتوي، حتى صار لقبًا بعائلته.

أبو شهلاء: تم تسمية العائلة بناء على وصف جدهم علي ابن الشيخ صالح أبو شهلاء، الذي كان الناس يصفونه بالأشهل؛ أي العين الشهلاء التي بياضها ليس بخالص فيه كدرة.

أبو حصيرة: سميت عائلة أبو حصيرة بذلك نسبة إلى جدهم الأكبر الشيخ الصالح محمود زياد؛ الذي كان يحمل حصيرة أينما توجه للصلاة ويجلس عليها، فلقب لذلك بأبي حصيرة.

الأسطل: تُعتبر من كُبرى عائلات مدينة خانيونس في قطاع غزة، ويعود لقب الأسطل لجدهم من الجند الأكراد الذي جاء من مصر بوظيفة كتخدا (محافظ) قلعة خانيونس، وقيل إنه دخل من باب القلعة، وهو على حصانه وعلى رأسه طربوش طويل فصدمه قوس الباب وسقط طربوشه، الأمر الذي أغاظه حتى صار يضرب فيه بسيفه فلُقب بالأسطل.

بسيسو: أما عن لقب هذه العائلة الكبيرة في غزة، فقد جاء عن جدهم الرابع أحمد بسيسو، الذي اشتهر بأنه كان له قط في منطقته يُسمى بسًا، فصغروه إلى بسيس، و”بسيسه” تعني “بسيس له”.

البواب: وهو لقب عائلة بغزة، وقد كان يُلقب بذلك حارس باب المدينة والقلعة قديمًا، وصار يُلقب به الحارس على أبواب المدارس وغيرها.

الترك: وتعود لجدها محمد علي تركي الأصل، الذي كان يعمل بسلك العسكرية في غزة، ثم انفصل عن الخدمة وتوطن غزة في القرن الثالث عشر ليعمل بالتجارة.

الترزي: وهي كلمة تركية تعني الخياط، وتُلقب بها عائلات مسيحية، ومنها عائلة كبيرة في غزة عمل أبناؤها في التجارة والخياطة قديمًا.

الحداد: يُلقب بذلك صاحب صنعة الحدادة في الأصل، حتى غلب الوصف على عائلة الجد الأكبر وإن لم تكن فيهم هذه الصنعة.

الحائك: ويعود نسب العائلة لجدهم الذي عمل في صنعة الحياكة، حتى عمل كثير من أفراد العائلة في هذه الصنعة.

حلس: وتعني كلمة الحلس، الوقاية والكبير من الناس للزومه محله الذي لا يزايله، ويقال إن جد العائلة الكبير قد سكن غزة قديمًا فتوطنها ولم يغادرها وكثرت ذريته فيها.

خيال: ويعود لقب هذا العائلة إلى قبيلة الخيالات بطرابلس في ليبيا التي تنتمي إليها.

الخزندار: وهي كلمة تركية لوظيفة معناها حافظ خزنة المال، وتأتي بمعنى الموكل بشؤون دار الوالي.

ذمو- زمو: وكان لقب العائلة بالذال من أصل الكلمة ذمة، فهو مذموم وغير ممدوح، ثم بالزاي أي أطبق فمك وأغلقه، فحذفت الهاء ووصلت الواو.

الريس: كان يُلقب بهذا اللقب من يتميز في الطب والحكمة ويتفوق على الأطباء والحكماء، وقد كان جد العائلة الأكبر من أفضل الأطباء والحكماء المشهورين والماهرين.

السرّاج: وقد نالت هذه العائلة لقبها بسبب صنعة جدها في عمل السروج، واشتهرت العائلة أيضًا بهذه الصنعة فيما بعد بين أبنائها.

ساق الله: كان الأصل فيها سقلىّ،؛ وهو لقب تركي معناه صاحب اللحية، ثم حرف بعد ذلك ليصبح معناه ساق الله أيامه.

الشوا: ويُلقب بذلك من يشوي اللحم أو يبيع الشواء، كما قيل أن من له شياه للإنتاج أو للتجارة، وأن جدهم الأكبر جاء لغزة بأغنام وأقام بها.

شراب: وهي صيغة مبالغة من كثير الشرب، وتعني المولع بالشرب، حتى اشتهرت هذه العائلة بلقب جدهم الأكبر في خانيونس.

الشوربجي: وهو لقب تركي يعني صاحب المطبخ، وكان هذا من الألقاب الكبيرة لأنه يطلق على ناظر مطبخ السلطان وطعامه، إذ لا يُقدم إليه ما لم يفحصه الشوربجي.

العشي: سُميت العائلة بذلك نسبة إلى جدها الذي كانت صنعته طبخ الأطعمة، ويُسمى الطباخ والعشي.

هذه بعض العائلات التي اقتبست كنيتها من المهن التي امتهنتها أو المواقف التي أثرت عليها، علمًا أن هناك عائلات تحمل أسماء أصناف من الحلويات والفواكه والخضروات، كعائلة بصل، وقشطة، وفلفل، وجزر، فيما تحمل عائلاتٌ أخرى أسماء حيوانات، مثل الجمل، وسمك، والبِسْ، وصرصور، والفار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى