زراعة قلب في فلسطين … بقلم د. ناجي شراب
زراعة قلب في فلسطين
بقلم د. ناجي شراب
فلسطين ليست مجرد إسم أو ارض وتاريخ، بل شعب قادر ان يصنع نفسه، ويثبت إسم فلسطين كحقيقة علمية ، ومشاركة فى بناء الحضارة الإنسانية. ومساهة فى صنع الحلول للمشاكل الإنسانية فى الوقت الذى فيه هذا الشعب يعانى من ظلم الإحتلال، وهنا تمكن قوه هذا الشعب وأبنائه المبدعين والمنتجين ، فالإحتلال الإسرائيلى فشل فشلا كبيرا فى هذا الجانب، قد تمنع إسرائيل قيام الدولة الفلسطينية ، لكنها لن تكون قادرة على طمس إبداعات هذا الشعب.
من كان يمكن ان يتصور فى الوقت الذى فيه المستوى الصحى ومستوى المستشفيات الفلسطينية يعانى من الإحتلال والقيود على تطورها ،ان نسمع عن عالم مبدع ، وعن مستشفى جامعى فى نابلس يقوم بزراعة قلب ولأول مرة فى فلسطين، هذا العمل لم يكن أحد يتصور ويتخيل ان تتم عملية بهذا المستوى والتعقيد الفنى فى أحد مستشفاياتنا ، اما العالم المبدع والطبيب البارع فهو البروفيسور سليم الحاج ، وأما المستشفى فهى مستشفى النجاح التابع للجامعة ، والتى هى إحدى طموحات الدكتور رامى الحمد الله رئيس الوزراء ورئيس الجامعة ، الطموح مشروع، والطموح يعنى الأمل والتفاؤل وصناعة المستقبل، الطموح يحتاج إلى من يحوله إلى حقيقية وواقع على ألأرض، وهنا دور المبدعون الفلسطينيون، ودور الطبيب المبدع سليم الحاج، وهذا الطبيب المبدع لى حكاية قصيرة معه، عرفته من خلال إبنى الذى كان يعمل فى جامعة تورنتو، وعرض عليه البروفيسور سليم الحضور للعمل معه، وكانت الموافقة بدون تردد، نداء الوطن وألأهل لا يعلوه نداء, فأتيحت لى الفرصة أن اجلس مع هذا البروفيسور لأقرأ رؤيته للمستقبل، وكيف يرى مستشفى النجاح، ومستقبل الطب فى فلسطين.تعرفت على أسباب نجاحه اولا، فهو لا يغريه المال ، ولم تغريه الحياة المريحة فى الغرب ، فهو استاذ فى جامعة جلاسجو، وكان بإمكانه ان يعيش ويعمل هناك، لكنه فضل الوطن ، وخدمة اهله. وهذا اول عوامل النجاح، ولمست فيه عاملا مهما يقف وراء هذا النجاح وهو البعد الإنسانى ، يكمن فى داخله روح إنسانية لا تميز، تجعله قريبا من الآخرين، بعيدا عن الغرور القاتل ، ولديه القدرة على الإستماع للأخرين، فهو ليس مستبدا فى رايه، يعترف بالخطأ ، ويتمسك بالقرار السليم الصحيح، ومستعد ان يدافع عنه على حد مقولة فولتير الذى قال انه مستعد أن يضحى بحياته من اجل الدفاع عن راى ألآخرين لو كان صحيحا.وأهم ما لفت إنتباهى فى شخصيته فى اللقاء السريع معه فى نابلس رؤيته المستقبلية ، فهو صاحب رؤية ،وزرع اول قلب فى فلسطين على يديه كان جزءا من هذه الرؤية ، فكان يمكن ان يكتفى بتخصصه فى جراحة القلب، لكن الطموح والرؤية والإصرارهى التى أوصلته وأوصلت مستشفى النجاح إلى هذا الإنجاز الكبير، ولولا ثقته فى نفسه، وقدراته ، وقدرات فريق العمل المتكامل معه من أطباء ومرضى ما تحقق هذا الإنجاز، فهو لا يلصق الإنجاز له ، بل للمستشفى ، ومن يقف وراء طموح المستشفى برئيس الوزراء الدكتور رامى الحمد الله ومجلس الأمناء والعاملين معه فى كلية الطب. ولعل اهم مواصفات العمل الناجح الرؤية المستقبلية التى لا تقف عند حدود زراعة القلب ، وهذا ما يسعى له من خلال إستقطاب العقول والكفاءات الفلسطينية فى الخارج، وفى إعداد الكادر الشبابى من طلاب الجامعة ، الذى يقدرونه وينظرون له كقدوة وأمل مستقبل، هو يفكر كما سمعت منه بأن يحول نابلس لعاصمة الطب الفلسطينية ، وأن يؤسس لمعهد متقدم فى مجال الصحة ، وأن يستقطب الشخصيات العالمية فى مجال الطب. هذا النجاح يحتاج إلى بيئة وقرار سياسى حاضن، يوفر كل القدرات والاليات ، ويذلل الصعاب التى تقف فى طريقه، وخصوصا أن لهذا النجاح أعداء من كل الجهات، علينا ان ندرك أن النجاح الفلسطينى يكمل بعضه ، وليس تنافسيا، واهم القرارات السياسية هى تشجيع هذا الطبيب البارع وغيره على البقاء والإستمرار.
لكن فى الوقت ذاته ان يدرك الجميع أن هناك إحتلال يقف فى طريق هذا النجاح. وهذا النجاح ليس نجاحا طبيا فقط يسجل بإسم صاحبه، بل نجاح سجل ويسجل بإسم فلسطين، وبمقاييس الإنجاز وألأداء قد يكون ما قدمه البروفيسور سليم يفوق ما قدمه الآخرون بدرجات كثيرة ، فهو قد وضع إسم فلسطين على الخارطة الطبية فى العالم ، وجعل كل العالم يقول أن فلسطين وشعبها يستحقان دولة تقوم على مفهوم الإنسانية ، دولة تقدم وطب وعلم ، وليس دولة سلاح وهذا هو الأهم.
زراعة القلب فى فلسطين رسالة للعالم أجمع ان فلسطين تسعى لدولة العلم ودولة الإنسانية ورسالة للشعب الفلسطينى أن العلم والإبداع والمساهمة فى الحضارة الإنسانية احد أهم الخيارات لإنهاء الإحتلال ، ورسالة لإسرائيل ان تعيد النظر فى إحتلالها ، وفى رؤيتها للشعب الفلسطينى ، ان هذا الشعب شعب علم وإبداع إذا أتيحت له الفرصة ، وأن من مصلحة إسرائيل إنهاء احتلالها وقيام دولة فلسطين التى يمكن ان تساهم مع إسرائيل فى مرحلة ما بعد الدولة فى تحويل المنطقة لبقعة متقدمة فى العلم والطب، ويقدما نموذجا جديدا لدولة العلم ودولة الإنسانية ، وهذا اهم ما قدمه البروفيسور سليم الحاج.فهل من يسمع ويستوعب هذه الرسالة؟.
التدوينة زراعة قلب في فلسطين … بقلم د. ناجي شراب ظهرت أولاً على رابطة شباب عائلة شراب.
Source: FamilySites