إبنة محافظة خان يونس: تهاني أبوصلاح أصغر طالبة دكتوراة في الوطن.
تهاني “ابنة الخامسة والعشرين ربيعاً” على مقاعد الدكتوراه في قسم اللغة العربية في الجامعة الإسلامية
“ليس هناك مَن هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني” بهذه العبارة افتتحت الطالبة تهاني سالم أبو صلاح- طالبة دكتوراه بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بالجامعة الإسلامية بغزة، حديثَها عندما سُئلت عمّا أوصلها لأنْ يُشرقَ ربيعُ عمرها بلقب “أصغر طالبة دكتوراه في قسم اللغة العربية”، قالت :”لم يكن انبثاق هذا الجهد من فراغ، فقد أنهيت مرحلة بكالوريوس من الآداب في ثلاثة أعوام ومنتصف العام، وهذا لم يُشكل نهاية الأفق عندي فأكلمَت العام بالتأهيل التربوي، فتواصل العزم بالعزم لدَقّ أبواب الدراسات العليا، فشرعَت بالمقابلة للحصول على موافقة الالتحاق ببرنامج الماجستير، فكانت المفاجأة باندلاع حرب عام 2014م التي كانت الحد الفاصل والاستراحة الأكثر جهدًا بين أعوام الدراسة الجامعية لدى تهاني بالانتقال من الجهاد بالعلم إلى ساحة الصمود في الحرب كما كل مَن يتنفس تضحيةً في هذا الوطن”.
وأضافت تهاني “انتهت الحرب التي ما زالت مستمرة، فحصلَت على قبول الالتحاق بالماجستير في اليوم التالي للتهدئة عندما فتحت الجامعة أبوابَها التي لم تُغلق، فكان الوطن أكبر منْ أنْ تقف لتنفُض غبار المعركة عنك، فأكملت خطواتي بسرعة تتجاوز جهد متسابق بخيله، ففي الوقت الذي كانت فيه الملتحقات يُسجلن مساقين وثلاثة كنت أسجل أربعة، ولأقل من عامين اجتزت المساقات حتى أمسكَت بناصية رسالة الماجستير المعنونة “الشعر الفلسطيني المقاوم في القرن الواحد والعشرين” التي دكت فيها تأريخًا لمرحلة دراسية متشعبة الحروب على هذه الأرض المعطاءة”.
وأردفت تهاني حديثها: “ومع ذلك لم يكن يليق بحياة يتكللها رضا الوالدين أنْ تقف هنا، نعم إنّ السير إلى الدكتوراه كان أمرّا يَعني ويثير اهتمام والديها أكثر مما يعني لنفسها، كانا يدفعاني للمواصلة بشغف يرتوي به طموحُي دون أن أفصح عنه، ففي المرة الأولى التي قال لي والدي “آن الآوان لأنْ تُسجلي الدكتوراه سقطت من عيني دمعة على حلمي، فلم يكن في الجامعة قد فُتح برنامج الدكتوراه للطالبات بَعد، فما كان لحلُم استيقظ بدمعةٍ أن يستعيدَ نُعاسه، فكانت القراءة وتذويب الثلج عن مناكبها هو الميدان الشاغل، حتى أُعلن عن فتح البرنامج في الفصل الثاني، وكان ثمة لقاء مع عميد الكلية وقتها الدكتور عبد الخالق العف الذي أصرّ عليّ بالتسجيل في الوقت الذي ألحّت عليّ إحدى صديقاتي بترك الأمر، فوصلت لمرحلة لم أعرف منها الموافقة أم الرفض، وأخذَت الآمالُ تعلَق على شطآن أفكاري بين إخبار والدي أم ترْك الخبر يسيرُ إليه جريًا أو على راحتيه بهدوء، فتركته؛ وكان قد ابتُدأ البرنامج لمدة شهر عندما وصل الخبر لوالدي استشاط غضبًا بعدم إخباره، إنّ أب كهذا مدرك لقيمة العلم لنموذج يُحتدى به، فقد شعرَ بأنّها فرصة سانحة لا تُقدر بثمن، فركض باتصال إلى المختصين للالتحاق، لكن! لا جدوى، فكأن الحلُم اتفق مع الزمن لمعاقبتها في التخلي عنه أو حتى تأجيله لبُرهة، ومرَّ المركب بغصة وقفت في طريقي، وبحُرقة تقترب من طموحي، حتى انعقد مؤتمر لمجمع اللغة العربية ذات مرة فأعلن الدكتور على المايك شاكرًا لتهاني ما أبدَته في كلمتها بقوله: أعدُك بأنْ تكوني في الدكتوراه الفصل القادم، فتمّ الأمر بتوفيق من الله وحده، وها أنا الآن على مقاعد الدكتوراه أستنير لأخرج برسالة أخدم بها الدين والوطن واللغة، دون الالتفات لكلّ معيقات الحاضر الذي يمر دون أن يلتفت لنا.“